في بني كبير قرية الحدب تحديدا سقطت مساء امس اكبر شجرة معمرة بمنطقة الباحه،عن عمر يناهز الأربعمائه وخمسة وسبعون عام،كما قدره بذلك خبراء احد الشركات الأمريكيه من خلال تحليل الجذع،وسبب سقوطها تأكل داخل الجذع لم يفطن له احد لتتم معالجته،الى هنا وينتهي عمر هذه الشجرة،مع ايمان بان لكل شيء خلقه الله بداية ونهاية.
لكن هذه الشجرة لم تكن شجرة عاديه بكل المقاييس التي تسقط بها الاشجار؛او مثل بقية الاشجار،شجرة كان لسقوطها المدوي قبل منتصف الليل بساعة ،جعل اهل القرية يتوافدون زرافا وجماعات والتجمع حولها لتذرف دموعهم دون ارادتهم لفقد هذه العزيزة الغالية على قلوبهم،الشجرة كبيرة وارفة الظلال خضراء الاوراق والاغصان طوال العام في ميدان يتوسط القرية وبالقرب من المدرسة،لم تكن باهية الجمال فحسب،بل باهيةالحسن والحنان ارتبطت معها عواطف ومشاعر واحاسيس اهل القرية ومن مر بها ومن تفيأ ظلالها،انها مشاعر الحزن على رفيقة الاباء والاجداد،انه الحزن على ما اسدته لهم من ظلال خلال حياتهم،تحتها تقام الولائم والافراح وتحتها تعقد مجالس الصلح وتحتها يلعب الصغار،وتحتها يجلس الغريب وتحتها يتم توزيع الادوار والمهام وتحتها يلتقي الاصدقاء،وتحتها تلتهب الاشواق والذكريات ،وتحتها يلتقي العشاق في حبهم العذري،تتجمع الاسر ويفرح بالأعياد،انها شجرة الوفاء، انها شحرة الاخلاص، انها شجرة المحبة والوئام،يالها من شجرة بارك الله لهما وبارك عليهما وجمع بينهما في خير . الله بها تلك القرية الوديعة الامنة المطمئنة،التي تزهو بالقرية الزاهية على جبال السراة.
تاريخ من الوفاء والعطاء والظلال انطوى،وفاء لا يقابلة الا الدموع السخية المتساقطة من عيون تمتعت بجمالك وهيبتك ايها الفقيده،قلوب يعتصرها الالم وحنين يشتد اليك فانتي ذاكرة في عقولنا بأهلنا الذين سبقونا،وتخليدا لذكراهم بيننا،احبوك السابقون فكنتي جارتهم،سكنوا قربك واقاموا منازلهم تحت رعايتك لهم،جعلت لهم مأوى وملاذا،وغسلنا احزاننا بقربك منا على اهلنا،آسيت تآسيت معنا حزنا على فراقهم،وكنت ستفعلين ذلك عندما تفقدينا،فتحضنين صغارنا ،اتخذناك رمزا لشموخنا وامّاً حانية تجمعنا،واختاً تبادلنا الهموم .
انا لمحزونون على فراقك يا رقعة الحدب ،فبسقوطك سقطت آمال وأحلام ،وفقدنا اجزاء من ذاكرتنا التي تحملها اوراقك الخضراء،وفي اغصانك الخضراء علقنا احلامنا ،فالعزاء ليس لأهل القرية فقط ،العزاء للمنطقة باسرها لفقدان اكبر من عمّر فيها وللمعلم التاريخي المهم الذي كان يتحدث عن ثقافة ووعي السكان واهتمامهم بالبئة ،وتقديراً ووفاء لمن يسدي جميلا لأهله.
العميد : احمد سعد الغامدي
قرية الحدب