يبدو أن محللي القنوات الفضائية وتويتر وفيسبوك ونشرة أخبار كورونا المزعجة ابتلعت جمهور قراء أعمدة الصحف، وتركتها خاوية بلا حضور، لم تكتفِ بذلك بل سرقت الأفكار والخواطر التي كان الكتّاب يستمدون منها كتاباتهم، أو على الأقل قلصت أمامهم الخيارات..!!
صحيح ما زالت بعض أقلام الكتّاب تكتب، لكن أغلبها يكاد لا يقول شيئا، المواضيع التي تتناولها باهتة وبلا نكهة، ولم تعد تلفت الإنتباه، فالأخبار والمناسبات والمستجدات تملأ في التو واللحظة أجواء الزمان والمكان، ولولا بعض مقالات الأسماء الكبيرة ومشاغبة كتاب الرياضة لما توقف أحد عند أعمدة الصحف. حتى داخل الدوائر الخاصة للمهنة لا أحد تقريبا يهتم بما يقولون..!!
وبدون اكتراث و في شيء من اليأس اتجه الكثير من الكتّاب إلى الإهتمام والمشاركة في ترهات ما تبثه السنابات..!!
ويبقى السؤال؛ هل تجاوز زمن التقنية دور الكاتب التقليدي ومن ثم بات حماسه يتلاشى، وتنضب قواه ويصيبها الوهن؟!
أم هي مسألة وقت ليس إلا حتى يستجمع قواه ويعود مرة أخرى أكثر عنفوان وصلابة؟
الكاتب الخصب لا تنقصه المواضيع الساخنة فخياله دوما يؤرقه، وهو يملك طاقة لا تنضب، وتحفه ثقافة مهنية ومعرفية عالية، ورغبة عارمة تمنعه من السقوط في منحدر الملل ووهدة الخمول.
وللإنصاف، البحث عن الأفكار اللامعة واصطيادها عملية شاقة ومرهقة، لكنها في نفس الوقت ليست أشباح غامضة وخطرة يصعب العثور عليها، ولا أرواح غير مرئية يستحيل التعامل معها وكشف خباياها، هي فقط تحتاج إلى عينين يقظتين وإلى روح تحمل الشغف في كل وقت، وعقل يحلم بلا حدود، يرى في اللا شيء شيء وفي المألوف أشياء غير مألوفة، ويصنع من التفاصيل الصغيرة حكاية... وبالطبع هناك من يحاول، لأن الكتابة بالنسبة له حياة..!
محمد جبران