الكاتب عندما لا يكون في كامل صفائه الذهني، فان ما يكتبه لا يمكن ان يرقى الى مستويات عالية، من الجمال والدهشة...
وكذلك الشاعر .. والقاص
أنت وأنا كقراء .. لا ننتظر من الكاتب أن يكون متوهجًا دائمًا
ولا نتوقع أن كل ما يكتبه سيكون جميلًا للغاية - في كل مرة.
.....
ولذلك فنحن لا يصح لنا أن نحاكم المبدع على نص واحد، أو حتى اثنين، أو ثلاثة من كتاباته ....
المحاكمة العادلة لفكر ووعي هذا أو ذاك، تكون من خلال مجمل ما كتب وما أبدع
لكن هناك سؤالًا يفرض نفسه ....
ما سبب هذا التباين في مستوى الطرح – بين أعلى الجودة وأدناها؟
.....
أظن الجواب هو أن (الطبيعة البشرية)، للإنسان عموما، تعتريها حالات نفسية ومزاجية متقلبة، صعودًا وهبوطًا، وذاك أمر طبيعي، وهو ما يجب مراعاته.
.....
ويظل غياب (الطقس) الإيجابي المحفز، وأحدًا من أهم (مغيبات) الابداع اللافت للمبدعين .... بل وحتى العامة من عباد الله، وعلى مستوى الناس في سوادهم الأعظم، فإن (تعكر المزاج) يجعل الواحد منهم غير قادر على التعامل الصحيح مع مجريات حياته اليومية، ضمن إيجابية أفضل وتناغم أجمل.
.....
نحن في حياتنا العامة، كثيرًا ما نلتقي بـ (س) و (ص) من الناس فنلقي عليهم التحية – مثلًا – فلا نجده عندها ذاك الإنسان الذي نعرفه، وقد نطلب منه مشورة أو خدمة فلا نلقاها بذات الوهج والرضا والاندفاع الذي عهدناه فيه ... ومنا – كردة فعل – من يغضب ويزمجر، ومنا من يلتمس لصاحبه العذر.
.....
أما على مستوى المبدعين الكبار، فإن ذات الحالة تنسحب عليهم تمامًا، ولك أن تتأمل معي، هذه الأمثلة ....
فـ "انشودة المطر" للسياب ليست كعدد من قصائده الأخرى، إنها من فواخر شعره ... و"تغريبة القوافل والمطر" لمحمد الثبيتى من أجمل ما أنشد مقارنه بغيرها .... والمجموعة القصصية (خالتي كدرجان) من أميز نتاج الأديب أحمد السباعي.
......
ويظل البسط في معالجة مسألة (المزاج المعكر) هذه، بحاجة إلى رأي متخصص في (علم النفس الفسيولوجي)،
لكن – في كل الأحوال - فهذا البيت من الشعر الشعبي، للشاعر محمد بن عبّاد السلولي، كان قد لفت انتباهي .. ولعله يكون "لقطة ختام" لسطوري هذه:
ما يحوس الرجل ويخرّب مزاجه
لا صفا جوّه - مثل قلّ الدراهم